في منتصف الثمانينيات، حيث كانت البصرة وبغداد تئنان تحت وطأة حربٍ عبثية، يُكمل عصام دراسته ، لكن القدر يوجه له ضربته الأولى القاسية استشهاد أخيه الأكبر علي برصاصة قنّاص في الخطوط الأمامية. لم تكن مأساة علي مجرد حادث عابر، بل كانت الشرارة التي أشعلت في روح عصام نوبة من الغضب الممزوج باليأس ، وفتحت أمامه أسئلة وجودية وفلسفية عميقة لم تُجب عنها دراسته في الفيزياءلقد رأى عصام بعينيه كيف تلتهم الحرب والفساد والواسطات كل جميل في بلاده، وكيف تنهار الأخلاق تحت ضغط أزمة النقل والعيش. أيقن الشاب أن لا مستقبل له في وطن يبيع أبناءه وقودًا لمعركة خاسرة. كانت الهجرة هي الملاذ الأخير ، لكن حتى محاولة الفرار قوبلت بالمنع الأمني ، ليجد نفسه مطارداً ومحاصراً، لا يملك سوى التفكير بطريقة يائسة للعبوررحلة عصام لا تتوقف عند حدود العراق، بل تمتد لتلقي به لاجئاً في الكويت، ثم مهاجراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية. هناك، في الغرب البارد الذي يوفر الأمان والفرص ، يكتشف غربة أشد وطأة غربة الروح والعلاقات ، ويخوض تجارب عاطفية مؤلمة مع نساء كنّ كالجسر الذي عبر منه إلى عالم لم يشبه عالمه. كل هذا لم يكن سوى تأكيد جديد على أن البحث عن السكينة لا يكون في تغيير المكان، بل في تغيير الذاتولكن القصة تأخذ منعطفها الأخير والأهم العودة. لم تكن عودة انكسار، بل عودة مشروع. يقرر عصام أن يواجه الفوضى بفكرة، وأن يعيد بناء ما هدمته الحرب والمدنية الحديثة. يشارك في تأسيس "المدينة الحمراء" ، مجتمع مستدام يعيش على الاكتفاء الذاتي ، ويرفض "عقلية الأخذ" التي تسود العالم. هذه الرواية ليست مجرد سرد لمأساة فرد، بل هي مرثية لجيل كامل دفع ثمن الحماقات، وبيان فلسفي عن معنى الحياة الحقيقية قبل أن تُغرينا فكرة "الهجرة" بالخلاص الزائف
Bitte wählen Sie Ihr Anliegen aus.
Rechnungen
Retourenschein anfordern
Bestellstatus
Storno







